
قصص من السيرة الذاتية

كأي فتاة في عمري، كنت أستعجل قدوم البلوغ لأستكشاف عالم البالغات. كان الأمر يبدو وكأنني أركب قطار الحياة الذي يسير بلا توقف، وها أنا أرى امرأة طويلة القامة، ممشوقة القوام، تمضغ علكة بهدوء وثقة.
عطرها الفواح يملأ المكان، وهي ترتدي فستانًا ورديًا مزيّنًا بخيوط حريرية عند العنق والخصر، مفتوحًا من الظهر ويصل بالكاد إلى الركبتين. كان كل ما فيها ينضح بالأنوثة، لدرجة أن العيون كانت تلاحق كل خطوة تخطوها بإعجاب وانبهار.
لم تبالِ تلك المرأة بنظرات الناس أو همساتهم، كانت تسير بخطوات بطيئة وثابتة، كأنها تتفادى الأشواك في طريقها. سحبت كرسيًا وجلست بجواري، تركت ابتسامتها العريضة وحيويتها في داخلي انطباعًا جميلًا.
للحظة، بدت لي الحياة وكأنها نهر سهل العبور، وكأسا عذب الرشفة. بدأت أتأمل أعماقي وأحاول ترتيب أفكاري حول المستقبل، بينما بركان الأنوثة ثائر لا يهدأ.
يالهاذا الجسد لا ينفك يغريني بأن أشرب من كأس أنوثتي حد الثمالة!؟ لكنني أحاول كبح هذه الرغبة وتأجيلها...
بينما كانت تجلس بجانبي، تبادلنا الحديث لفترة طويلة. روت لي قصصًا عن تجاربها في الحياة، وعن المعاناة التي واجهتها في رحلة البحث عن متعة العيش.
في تلك اللحظة، شعرت بزلزلة، وتمنيت لو أنني بقيت طفلة صغيرة، أمي تمشط شعري وتحضنني في أمان. بل تمنيت لو أنني بقيت في رحمها، فهو كان لي المكان الأكثر رحمة.
في لحظة صدق، همست لي تلك المرأة وهي تحاول كبح دموعها :
-أنا أسيرة صدر مثقل بسنوات من الضياع، طاردت فيها الشهوات دون قيود، والآن تلاحقني لعنة تلك القرارات. حتى عندما أحاول التوبة، تعاودني الذكريات وتنغص علي راحتي، وتسرق مني بسمة ساعة الخلوة. أنا الآن مريضة... وأنا في مرحلة العد التنازلي لحياتي.بينما كانت كلماتها تتردد على مسمعي، شعرت بألم شديد في أسفل بطني. استيقظت من نومي مذعورة لأجد أمي بجانبي، تطمئنني وتشرح لي أن الدم الذي يلطخ ملابسي هو علامة بلوغ ليس إلا."
-ها أنت على مشارف البلوغ يا بنتي " قالت أمي.